في ظني علينا كأطباء ومعالجين نفسيين أن نرعى ونحتفل بشيء أصيل في ممارستنا ربما من المخجل الاحتفال به أو الإعلان عن وجوده، ما أقصده هو الفخر بفكرة التواضع لاحتمالية الخطأ والتواضع عند حدوثه في أي مرحلة من مراحل العلاج النفسي مع مرضانا، بالحقيقة – كما تقول نانسي ويليامز – العلاج النفسي هو أحد المهن الاحترافية النادرة التي قد يكون أعظم أخطائنا حين نمارسها من الممكن إعادة استخدام هذا الخطأ كأحد أدواتنا الاحترافية العلاجية
ما الذي أقصده بالتواضع لاحتمالية الخطأ؟
أقصد هنا بالتواضع لاحتمالية الخطأ هو الاستعداد والمرونة لأي سياق أو انفعال يحدث داخل وحول العملية العلاجية فيه جانب من عدم الصواب حدث من المعالج بشكل ولو كان بسيطاً، هذه التهيئة من احتمالية الخطأ واستعدادنا لها تجعلنا نفكر فيما حدث ويحدث داخل جدران العيادة، التواضع للخطأ يجعلنا نعود خطوة للوراء ويدفعنا للخروج بشكل أفقي للأعلى مما يحدث بيني وبين مريضي لتحليل ما يحدث، هذه النظرة الخارجية لم يكن ليكون بدون التواضع لاحتمالية الزلل منّا.
وهنا اعتراف صريح ..
أقولها بشكل لا أخفيه وهذا الكلام قد يسبب لي ما يسبب لكن صدقاً أنا أتردد كثيراً في التوصية بأي معالج لا أرى منه إلا عطاءً ونصحاً وسرداً لا يتوقف من التنظير لإن هذه الانطلاقة في النصح والعطاء رغم جلالة أهميتها لكنها تحمل نفساً من عدم الليونة مع احتمالية الخطأ لدى ذات المعالج، أقول هذا الأمر وأرى احتمالية الخطأ فيما أقوله، كيف لي كمعالج أن أعطي لمرضاي عندما أرى عدم الكمال في سياقاتي العلاجية هو أمر فيه نقيصة، التواضع لهذه الاحتمالية في داخلنا بالضرورة يجعلنا في ليونة جيدة للفهم وللمواجدة مع احتمالية وجود الخطأ داخل مرضانا، التواضع مع ما في داخلنا من احتمالية زلل يجعلنا رحماء مع هذه الاحتمالية فيما يشاركنا الغرفة.
العلاج النفسي مهنة في ظني هي مهنة مملة وقد تكون عبارة عن عمل تجاري بحت روتيني بدون هذا البُعد من المفاجآت والتحديات فيما يجلبه له المرضى في داخلنا، بل هو أمر توارثه المعالجين وأراه جلياً في داخلي أننا نتعلم كثيراً من مرضانا، هنالك فوائد عديدة من أهمية الإشراف في رحلة المعالج وكذلك فوائد جمّة من فكرة خضوع المعالج للعلاج لكن ربما من أهم هذه الفوائد لهذين الأمرين هو أن يعيش المعالج فكرة أن يكون هو الطرف الآخر من العيادة الذي ربما كان يراه هو الطرف المخطئ وعلى المعالج المنزّه من الخطأ علاجه، هذا التواضع لاحتمالية الخطأ وللتعلم هو شيء مما يصنع ألق المعالج في شخصه وإنسانيته، ونحن لا نعالج حصراً بمهاراتنا وعلمنا الفسيح وتحليلاتنا لكن في الأغلب نعالج بأقوى أدواتنا ألا وهي شخصياتنا.