هنا مجموعة من التغريدات كتبتها عن هذا الموضوع في تويتر وأدرجتها هنا:
الحديث عن السواء وعدم السواء وعلاقته بالعلاج النفسي في أوجّه ولاحظت وجود شريحة جيدة من العاملين لديهم مفهوم أن (السواء يعني الصحة النفسية الجيدة) وهذا أمر بإطلاقه غير صحيح، بل قد يكون مضر
هنا سأتكلم في عدة نقاط أظنها مهمة وفيها تفنيد لبعض المفاهيم عن السواء وعدمه
///
الاستئناس بفكرة السواء من عدمها بالنظام التشخيصي الطبي بشكل مطلق أراها غير منطقية بتاتاً، إن كان السواء من عدم السواء هو أمر ثابت ومن الممكن تمييزه بعوامل ثابتة فكيف تقول عن شخص غير سوي انطلاقاً من دليل تشخيصي قابل للتغير؟ كيف الاستدلال بشيء جامد – كفكرة السواء وعدمها – بشيء متحرك ومتغير مثل الدليل التشخيصي؟
مع تأكيدي أن الجمود في نقطة السواء وعدمها هو أمر لا يمكن منطقياً، الجمود في إطار السواء حدث من استثنائية فكرة الزيارة للمختص النفسي، زيارتك له تعني عدم السواء ومقاومتك هي السواء .. هنا الجمود
///
حجة ربط نقاش السواء بالتشخيص الطبي – بشكل مطلق – صنع أزمة أخرى وهي أزمة ربط مصير سواء الفرد بزيارته للمختص النفسي، دخول الفرد للمختص النفسي في ظن أصحاب هذه الحجة يعني تشخيصه طبياً ويعني خروجه من دائرة السواء وهذا أمر في ظني فيه نظرة قاصرة وغير ملمة بالعلاج النفسي
///
تكرار ادعاء أن الحضور للعيادة النفسية يعني التشخيص الطبي ويعني بالضرورة احتمالية عدم السواء من شخص عامل بالمجال النفسي هو أمر يحتمل بشكل كبير احتمالين، أن هذا الشخص يوزع أدويته ونصائحه على كل من يدخل عليه لعدم سوائهم أو أنه شخص منظّر لم يدخل عيادة نفسية قط .. لماذا؟
///
أقول ذلك لإن الغالبية العظمى ممن يزورون عيادات العلاج النفسي هم أشخاص أمثالنا تماما في أننا – وهنا مربط الفرس – جميعاً نتراوح في هذه المساحة الشاسعة والغير قطعية بين السواء وعدمه
بل أن الغالبية العظمى من مرضاي في العلاج النفسي لا يملكون تشخيصاً نفسياً مكتمل الأركان
///
قد يكون مفاجئاً ما أقوله لكن حسب نظريات تحليلية من المنطق أن يكون عدم السواء هو الأصل وليس الاستثناء، فرويد كان يقول أن السواء المطلق هو “خيال مثالي”، السواء المطلق هو الاستحالة وهو في بعض الأطروحات كأنه المدينة الفاضلة المستحيلة الوجود.
///
بل جزء من الأركان التي يتجلى فيها عدم السواء فينا هو الجزء الغير موعي منّا، السواء في أصله تحليلاً هو نتاج نزاعات داخلية من الرغبات والدفاعات أو قل السواء هو نتاج نزاع داخلي أحد أطرافه عدم السواء فينا، السواء ليس منطقة محددة لكنه مساحة ديناميكية قابلة للتحرك والتمدد أو التقلص
///
من يتحدث ويكرر أن الاحتياج للعلاج النفسي يكون فقط في حالة عدم السواء هو بشكل غير مباشر كأنه يجعل الفاصل واضح وقاطع بين السواء وعدم السواء، واضح للدرجة بأنه يحدث بتمييز الشخص نفسه وبعوامل جامدة ثابتة
السواء وعدمه لم يكن يوماً بهذه القطعية والوضوح
////
السواء من عدمه بينهما خط رفيع للدرجة التي لا يمكن رؤيتها في معظمنا، المساحة بينهما ديناميكية متحركة لا تعرف الجمود والقطعية، بل حتى أن عدم السواء في أطروحات نفسية كثيرة هو التطرف والقناع لذات السواء
///
أزعم بشكل غير قطعي أن تحديد السواء من عدمه على الآخرين لا يخلو من بعض السلطوية والنرجسية، نسبية السواء من عدمها في أي شخص لا يمكن هكذا تحديدها منا كعاملين بشكل مطلق إلا عندما يشاركنا المريض هذا التحديد وهذه النسبية في داخله هو
بل أقول التالي:
///
جملة أن : (الشخص الذي ليس لديه تشخيص نفسي هو شخص سوي تماما) هذه جملة وصمية بإمتياز وتستلزم بالضرورة العكس وهو أن كل شخص لديه اضطراب نفسي هو شخص غير سوي
قد يقول قائل نعم هذا صحيح وقد يكون كذلك، لكن …
///
لكن هنا السواء تم تحديده بالسواء الذي ينبع من ذات الشخص فقط وبحكمنا السلطوي ولا ينظر للظروف الاجتماعية من حوله ولا الصدمات التي نالها ولا الوضع المالي أو السياسي وخلافه
هنا أصبح الشخص عديم السواء بظروف ليست سواء في ذاتها، بعض الظروف حتى أكثر الناس سواء في ذاتهم لن يطيقوا على مواجهتها
///
وفي ظني كذلك أن السواء لا يعني تماماً الصحة النفسية الجيدة، بعض أهم الإضافات الإنسانية القيمة على التاريخ البشري تمت اضافتها من أناس يعانون من مشاكل نفسية، معايير السواء الاجتماعي لا يعني عدم سواء الفرد المتفرد وعقله عندما لا يتماشى مع معايير مجتمعه
///
ختاماً … العلاج النفسي لم يكن يوماً مختصاً بمعايير مرضية تشخيصية حين عدم وجودها يعني السواء وحين عدم تحقيقها يعني السواء، العلاج النفسي عملية إنسانية تتجاوز ذلك، بل وجود التشخيص في عدد من اطروحات المحللين تعني وجود حاجز عن المواجدة البديعة مع مرضانا خلال العلاج